الإفصاح البيئي وأهميته في تحقيق الاستدامة

الإفصاح البيئي وأهميته في تحقيق الاستدامة أصبح الإفصاح البيئي محور اهتمام عالمي متزايد في السنوات الأخيرة، نظرًا لتأثير التغيرات المناخية المتسارعة التي ألحقت أضرار…

Eng. Ahmed rashidy abdo
المؤلف Eng. Ahmed rashidy abdo
تاريخ النشر
آخر تحديث

الإفصاح البيئي وأهميته في تحقيق الاستدامة



أصبح الإفصاح البيئي محور اهتمام عالمي متزايد في السنوات الأخيرة، نظرًا لتأثير التغيرات المناخية المتسارعة التي ألحقت أضرارًا بيئية جسيمة وأثرت بشكل كبير على المجتمعات والدول. حيث تصاعدت هذه الأضرار نتيجة تجاهل العديد من الصناعات في مراحل التخطيط لأثر أنشطتها على البيئة، وركزت فقط على تحقيق نمو اقتصادي سريع دون مراعاة الأثر السلبي على البيئة والمجتمع مما أدى إلى تزايد التلوث واستنزاف الموارد الطبيعية.

وقد ساعد هذا الواقع لظهور أدوات قياس الأداء البيئي مثل البصمة الكربونية وآلية ضبط الكربون الحدودي (CBAM)، التي أصبحت ضرورية لفهم ورصد تأثير الأنشطة الصناعية على البيئة. ومع تفاقم التحديات البيئية، بدأت الشركات تدرك أن مسؤوليتها لم تعد تقتصر على تحقيق الربح للمساهمين، بل تشمل أيضًا المساهمة في الحفاظ على البيئة وحماية المجتمع.

وأصبح الإفصاح البيئي اليوم لا يعكس فقط التزام الشركات بالمسؤولية المجتمعية، بل يمثل أداة استراتيجية لتعزيز ثقة أصحاب المصلحة وتقليل المخاوف المرتبطة بالتلوث. كما أنه يساهم في تحسين الكفاءة المالية للشركات من خلال خفض التكاليف الناتجة عن استهلاك الموارد وتقليل الانبعاثات، مما يعزز استدامتها على المدى الطويل وسوف استعرض في هذا المقال الافصاح البيئي من خلال عدة محاور مفصلة لفهم ماهيته والغرض منه 

المحور الأول مفهوم الإفصاح البيئي وأهدافه :

** المفهوم العام للإفصاح البيئي :

الإفصاح البيئي هو عملية تقوم بها الشركات والمؤسسات لتقديم معلومات شفافة وشاملة حول تأثير أنشطتها على البيئة. يهدف هذا الإفصاح إلى توضيح مدى التزام الشركة بمبادئ الاستدامة والمسؤولية البيئية، وذلك من خلال قياس وإبلاغ المؤشرات البيئية مثل الانبعاثات الكربونية، استهلاك الموارد، وإدارة النفايات، وحماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

** أهداف الإفصاح البيئي :

الإفصاح البيئي يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي تعزز دور الشركات في حماية البيئة، ودعم التنمية المستدامة، وبناء الثقة مع أصحاب المصلحة. وفيما يلي أبرز هذه الأهداف:

تحقيق الشفافية والثقة. 

دعم الاستدامة البيئية. 

تحسين الأداء البيئي. 

الامتثال للقوانين والتشريعات. 

تعزيز التنافسية في الأسواق. 

تمكين أصحاب المصلحة من اتخاذ قرارات أفضل. 

تقليل المخاطر البيئية. 

المساهمة في التنمية المستدامة. 


المحور الثاني أدوات الإفصاح البيئي :

تستخدم الشركات مجموعة من الأدوات والمنهجيات لتوثيق وإيصال معلوماتها البيئية بشكل شفاف ومنظم. هذه الأدوات تُعد وسائل فعالة لتقييم الأداء البيئي والإفصاح عنه بما يلبي احتياجات أصحاب المصلحة والمجتمع. وفيما يلي أبرز أدوات الإفصاح البيئي

1 - التقارير البيئية :

هي وثائق رسمية تعدها الشركات لتوضيح تأثير أنشطتها على البيئة وتقييم أدائها في إدارة الموارد، وتقليل الانبعاثات، والالتزام بمبادئ الاستدامة. تُعد هذه التقارير وسيلة شفافة تتيح للشركات التواصل مع أصحاب المصلحة والجمهور حول مدى التزامها بحماية البيئة. ( وسوف نستعرضها بالتفصيل الكامل في المقال التالي إن شاء الله )

2 - الشهادات البيئية :

هي معايير أو اعتمادات تُمنح للشركات والمؤسسات التي تلتزم بتطبيق ممارسات صديقة للبيئة وتتوافق مع معايير محددة لتحقيق الاستدامة. تُعد هذه الشهادات أداة فعالة لتعزيز مصداقية الشركة وشفافيتها، كما أنها تعكس التزامها بحماية البيئة وتقليل تأثير أنشطتها السلبية.

** أهم الشهادات البيئية

  • ·        - شهادة ISO 14001

والتي تمثل المعيار الدولي لنظام الإدارة البيئية. وترجع فائدتها إلى ضمان أن الشركة تتبع سياسات وإجراءات بيئية مستدامة. تساعد في تقليل النفايات واستهلاك الموارد.

  • ·        - شهادة (Leadership in Energy and Environmental Design (LEED

وهي شهادة تُمنح للمباني الخضراء التي تلتزم بالتصميم المستدام وكفاءة استخدام الموارد.

مما يعزز من كفاءة الطاقة واستخدام المواد الصديقة للبيئة وتحسين جودة الحياة في المباني.

  • ·        Carbon Disclosure Project (CDP) -

وهي منصة للإفصاح عن الانبعاثات الكربونية وسياسات المناخ

  • ·        - شهادة (FSC ) Forest Stewardship Council

وهي تُمنح للشركات التي تدير الغابات بشكل مستدام.

  • ·        - شهادة Energy Star

تُمنح للمنتجات والمباني التي تحقق كفاءة عالية في استهلاك الطاقة مما يؤدي إلي خفض التكاليف المالية والبيئية.

  • ·        - شهادة Global Organic Textile Standard (GOTS)

معيار عالمي للمنسوجات العضوية خاص لصناعة الأقمشة. بما يضمن أن المنتجات النسيجية صديقة للبيئة.

  • ·        - شهادة Green Seal

تُمنح للمنتجات والخدمات التي تفي بمعايير بيئية صارمة. مما يعزز ثقة المستهلكين في المنتجات الصديقة للبيئة وتحسين الاستدامة في القطاعات المختلفة.


3 - المنصات الرقمية :

يعد نشر تقارير الأداء البيئي عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية للشركات أمرا مهما لتوعية الجمهور بمبادرات الشركات البيئية ويعد عنصرا مهما في الافصاح البيئي .

4 - الأدوات الكمية لقياس الأداء البيئي :

الأدوات الكمية تُعد وسيلة أساسية لقياس وتقييم الأداء البيئي للمؤسسات والشركات. وتعتمد هذه الأدوات على جمع وتحليل البيانات المتعلقة باستخدام الموارد، الانبعاثات، وإدارة النفايات، مما يُمكن الشركات من مراقبة تأثير أنشطتها البيئية واتخاذ قرارات مستنيرة لتحسين الأداء.

أهم الأدوات الكمية لقياس الأداء البيئي :

  • ·        البصمة الكربونية (Carbon Footprint)

* أداة لقياس إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن أنشطة المؤسسة.

* تمكنا من تحديد النقاط التي تُسبب أكبر انبعاثات واتخاذ تدابير لتقليلها.

* المساهمة في تقليل تأثير الشركة على التغير المناخي.

  • ·        البصمة المائية (Water Footprint)

* تقيس كمية المياه التي تستهلكها المؤسسة بشكل مباشر وغير مباشر.

* تعمل على تحسين إدارة الموارد المائية وتقليل استهلاك المياه وتخفيف الضغط على المصادر الطبيعية.

  • ·        مؤشرات الأداء البيئي (Environmental Performance Indicators (EPIs

* مجموعة من المؤشرات الكمية التي تقيس الأداء البيئي في جوانب محددة.

* تسهيل مقارنة الأداء البيئي بين الشركات وتقديم رؤى دقيقة للتحسين.

  • ·        تحليل دورة الحياة (Life Cycle Assessment (LCA

* أداة لتقييم الأثر البيئي لمنتج أو خدمة خلال دورة حياته كاملة.

* تحديد الجوانب الأكثر تأثيرًا بيئيًا واتخاذ تدابير للتقليل منها.

  • ·        مؤشر الكفاءة البيئية (Eco) Efficiency Indicator

* يقيس مدى تحقيق الشركة لأهداف الإنتاج باستخدام أقل قدر ممكن من الموارد وتقليل النفايات.

* الكفاءة البيئية = القيمة المضافة / التأثير البيئي.

*تعزيز كفاءة استخدام الموارد وتقليل التكاليف المرتبطة بالهدر.

  • ·        مؤشرات النفايات (Waste Indicators)

* تقيس كمية النفايات الناتجة عن أنشطة الشركة وكيفية إدارتها.

* تحسين إدارة النفايات وتقليل المخاطر البيئية.

  • ·        قياس جودة الهواء (Air Quality Measurement)

* تقيس مستويات الملوثات في الهواء الناتجة عن أنشطة الشركة.

* مستويات الجسيمات الدقيقة (PM2.5، PM10).

* تركيز الغازات الضارة مثل ثاني أكسيد الكبريت (SO2) وأكاسيد النيتروجين (NOx).

* تقليل التلوث الهوائي وتحسين صحة المجتمع المحيط.

  • ·        قياس استهلاك الطاقة (Energy Consumption Metrics)

* تركز على قياس كمية الطاقة المستخدمة مقارنة بالإنتاج.

* كمية الطاقة المستخدمة لكل وحدة إنتاج.

* نسبة استخدام الطاقة المتجددة.

* تحسين كفاءة استخدام الطاقة وخفض التكاليف والانبعاثات.

5- المراجعات البيئية:

المراجعات البيئية هي عملية تحليل وتقييم شاملة لأنشطة المؤسسة بهدف قياس تأثيرها البيئي وضمان التزامها باللوائح والمعايير البيئية. تهدف هذه المراجعات إلى تحسين الأداء البيئي وتقليل الأضرار المحتملة من الأنشطة المختلفة.

6- مؤتمرات وحملات الإفصاح:

تنظيم فعاليات ومؤتمرات لتسليط الضوء على إنجازات الشركة البيئية مع إطلاق حملات توعوية لتثقيف الجمهور حول مبادرات الشركات في الاستدامة.

7- أدلة الإفصاح والمعايير الدولية:

أدلة الإفصاح والمعايير الدولية تُعد إطارًا مُنظمًا يساعد المؤسسات على تقديم تقارير شفافة ودقيقة عن أدائها البيئي والاجتماعي والاقتصادي. تهدف هذه الأدلة إلى تحقيق التوافق بين الشركات والمجتمعات المحلية والدولية، مما يُعزز الاستدامة ويُسهم في تحسين العلاقات مع أصحاب المصلحة

أبرز أدلة الإفصاح والمعايير الدولية :

  • ·        مبادرة التقارير العالمية (Global Reporting Initiative (GRI
  • ·        مجلس معايير محاسبة الاستدامة Sustainability Accounting Standards Board (SASB)  
  • ·        مشروع الإفصاح الكربوني (Carbon Disclosure Project  (CDP
  • ·        الميثاق العالمي للأمم المتحدة (United Nations Global Compact (UNGC
  • ·        المعيار الدولي ISO 14001
  • ·        إطار العمل المتكامل (Integrated Reporting Framework – IR
  • ·        أهداف التنمية المستدامة (Sustainable Development Goals – (SDGs
  • ·        معيار AA1000 للمساءلة

8. أنظمة المعلومات البيئية (EIS):

أنظمة المعلومات البيئية (EIS) هي أدوات تقنية متقدمة تُستخدم لجمع وتحليل وإدارة البيانات البيئية للمؤسسات والحكومات. تهدف هذه الأنظمة إلى تحسين إدارة الموارد الطبيعية، تقليل التأثير البيئي، ودعم اتخاذ القرارات المبنية على البيانات.

المحور الثالث مكونات تقرير الإفصاح البيئي :

الإفصاح البيئي يتضمن مجموعة من المكونات الأساسية التي تهدف إلى تقديم صورة شاملة وواضحة عن تأثير أنشطة المؤسسة على البيئة. هذه المكونات تركز على قياس الأداء البيئي، وتحديد استراتيجيات التحسين، وتوضيح مدى التزام المؤسسة بالاستدامة والمسؤولية البيئية.


المحور الرابع التحديات المرتبطة بالإفصاح البيئي :

رغم الأهمية الكبيرة للإفصاح البيئي في تعزيز الاستدامة وبناء الثقة مع أصحاب المصلحة، إلا أن هناك مجموعة من التحديات التي تواجه المؤسسات عند تنفيذ هذا النوع من الإفصاح. تتفاوت هذه التحديات بين المالية، التنظيمية، والتقنية، مما قد يؤثر على فعالية الإفصاح.

أمثلة على تلك التحديات

  • ·        التكاليف المرتفعة

حيث إعداد تقارير الإفصاح البيئي يتطلب استثمارات مالية كبيرة لجمع البيانات، وتطوير الأنظمة، والاستعانة بمراجعين خارجيين مما يجعل الشركات الصغيرة والمتوسطة قد تجد صعوبة في تحمل هذه التكاليف مقارنة بالشركات الكبرى.

  • ·        نقص الوعي والمعرفة

بعض المؤسسات تفتقر إلى الوعي بأهمية الإفصاح البيئي وكيفية تطبيقه. مما يؤدي ذلك إلى تقارير غير دقيقة أوغير مكتملة، مما يضعف الثقة مع أصحاب المصلحة.

  • ·        غياب المعايير الموحدة

حيث لا توجد معايير موحدة للإفصاح البيئي تُطبق عالميًا، حيث تختلف المتطلبات باختلاف الدول والصناعات. مما يؤدي إلى صعوبة مقارنة الأداء البيئي بين الشركات، مما يحد من الفائدة العامة للإفصاح.

  • ·        نقص البيانات البيئية

بعض المؤسسات تواجه صعوبة في جمع بيانات بيئية دقيقة بسبب غياب أنظمة القياس أو تعقيد العمليات البيئية. مما يؤدي ذلك إلى تقارير غير موثوقة تقلل من فاعلية الإفصاح.

  • ·        التعقيد الفني

إعداد تقارير الإفصاح البيئي يتطلب استخدام أدوات متقدمة وتحليل بيانات معقدة. والمؤسسات التي تفتقر إلى الكوادر المؤهلة قد تواجه صعوبة في تطبيق الإفصاح بشكل صحيح.

  • ·        مقاومة التغيير داخل المؤسسات

قد تواجه الشركات مقاومة داخلية من الموظفين أو الإدارة لتبني ممارسات الإفصاح البيئي. مما يحد من سرعة التقدم في تنفيذ برامج الإفصاح.

  • ·        المخاوف المتعلقة بالسمعة

بعض الشركات تخشى أن يكشف الإفصاح البيئي عن جوانب سلبية في أدائها البيئي، مما قد يؤثر سلبًا على سمعتها. مما يؤدي إلى تردد الشركات في تقديم تقارير شفافة وشاملة.

  • ·        قلة الحوافز الحكومية

عدم وجود حوافز تشجع الشركات على الإفصاح البيئي مثل الإعفاءات الضريبية أو الدعم المالي. مما يضعف الدافع لدى الشركات لتطبيق الإفصاح البيئي بفاعلية.

  • ·        التحديات القانونية والتنظيمية

تغير القوانين واللوائح البيئية بشكل مستمر قد يجعل الامتثال بها عملية معقدة. مما يزيد من الضغط على الشركات ويعقد عملية الإفصاح.

  • ·        محدودية اهتمام أصحاب المصلحة

بعض المستثمرين والعملاء لا يضعون الإفصاح البيئي كأولوية، مما يضعف الحافز للشركات للتركيز عليه. مما يؤدي إلى تراجع الجهود المبذولة لتحسين الأداء البيئي.

طرق التغلب على هذه التحديات

توفير الدعم المالي -  زيادة الوعي - تطوير معايير موحدة - توظيف الكفاءات - تعزيز الشفافية

وإلي أن نلتقي فى المقال القادم إن شاء الله

                                                                         م / احمد رشيدي عبده

                                                                        مراجع ومدرب نظم الجودة والسلامة والبيئة

                                                                         مؤسس منصة ومجلة الجودة للجميع

المراجع المستخدمة في إعداد المقال

·         تقارير دورية تصدرها شركات مثل Unilever، Apple، وMicrosoft

·         تقارير وزارات البيئة في دول مثل مصر، السعودية، والإمارات.

·         منظمة Greenpeace، WWF، وغيرها.

·         تقارير البنك الدولي (World Bank) حول التنمية المستدامة

·         دراسات نُشرت في الجامعات العربية حول الإفصاح البيئي وأثره في العالم العربي

·         تقارير الهيئة العامة لشؤون البيئة في الكويت

·         مواقع ومنتديات تهتم بالاستدامة والمسؤولية البيئية

·         اتفاقية باريس للمناخ

·         بروتوكول كيوتو

تعليقات

عدد التعليقات : 0

    مشاركة مميزة