الطريق إلي استدامة الأعمال
بعد تجربة أزمة كورونا الحالية في عام 2020 وتوقف العالم فجأة عن الحياة نتيجة للإجراءات الوقائية التي اتخذتها الدول والحكومات للحد من الانتشار الرهيب لهذا الفيروس اللعين وتوقف بعض الدول عن العمل والخروج إلي الحياة الطبيعية ، ولكن هذه الأزمة أظهرت قدرة بعض الدول والحكومات والشركات علي الاستمرار بل وفي بعض الاحيان تحقق مكاسب وتطبيق المفهوم الحقيقي ل risk and opportunity .
وقد قصدت في هذا المقال الإشارة لأهمية التطبيق الفعال للمواصفة iso 22301 التي يغفل عن أهميتها الكثيرين واردت أن تكون هذه مقدمة لسلسله من المقالات عنها وكيفية التطبيق لها وربطها بالحياة العملية من حولنا . بدأنا نسمع في وسائل الاعلام المختلفة ان من اهداف الدول الاستراتيجية هو تحقيق الاستدامة للأعمال و حيث إن تحقيق الاستدامة أمر صعب يحتاج لرؤيا واضحة وقيادة رشيده ومعرفه لقدره المنظمات والدول التقنية والمالية والبشرية والعلمية أيضا وكذا إلمامها بالمخاطر ( الداخلية والخارجية ) حولها .
لذا دعونا نتعرف علي تلك المواصفة وكيف نستفيد من تطبيقاتها التي سارعت معظم دول العالم الي تطبيقها دون علم بها او حتي بعلم بها .
تعتمد هذه المواصفة علي قدرة المؤسسة علي فهم المخاطر سواء كان الداخلي منها أو الخارجي وكذا التنبؤ بالمخاطر وتحديد الخطط البديلة لاستمرار هذه المؤسسات بالعمل وتقديم المنتجات والخدمات لعملائها في أحلك الظروف بل وأقصاها علي الاطلاق .
عندما بدأت الأزمة في الصين كل المؤشرات والمنطق يقودنا أنها علي وشك الإفلاس لماذا ؟ بالطبع لأنها أول دولة يظهر بها الوباء ويضرب مدينة اوهان والتي تعد من اكبر المناطق الصناعية وتبدأ الحياه في شلل تام سواء للاقتصاد والتصدير او الحياه الطبيعية لكن مع وجود خطط استباقية وخطط للطوارئ قائمه علي التنبؤ بالأزمات والاهم التصرف في اثنائها أذهلت الصين العالم بمفهوم Contingency plan واستخدام Digitization . وطوعت كل مواردها المالية، العلمية ، البشرية والتكنولوجية ورأينا كيف استمرت المصانع وكيف استمر التصدير بالتوازي مع عملية محاصرة الوباء والقضاء عليه في غضون ثلاثة شهور , والبدء في الدراسة والبحث عن علاج والأن يقتحم اللقاح الصيني الأسواق فتحول risk الخطر الى فرصه opportunity وتم تطبيق الخطط البديلة Contingency plan هذا علي المستوي الفرد وعلي مستوى المؤسسات .
وهنا نتساءل هل توقفت شركة أمازون عن العمل ؟ هل توقفت شركة جوجل عن العمل أو عن تقديم الخدمات المختلفة لعملائها خلال الازمه وحتي الان ؟ الاجابة : لا بل تضاعفت أرباحها . لماذا ؟ لوجود لدى تلك الشركات خطط استراتيجية (Strategic ,Tactical and operational plans) .
كيف استطاعت هذه المؤسسات زيادة أرباحها لو لم تكن مستعدة مسبقا لأي طارئ .. وكلنا منذ سنوات كنا نشاهد موظفي جوجل وبيئة العمل المتميزة والرفاهية وأن بعضهم يعمل من المنزل وكلنا تمنى لو وجد احد منا فرصة للعمل معهم ، لكن كلها خطط مدروسة علي سبيل المثال تحويل جميع العاملين للعمل من المنزل والتنسيق بينهم في العمل ليس في مبنى واحد لكن علي مستوي العالم وتم تدريب العاملين علي خطط طوارئ مماثلة مرارا وتكرارا بناء على المخاطر المتوقعة إلي أن حدث الطارئ ونجحت الشركة في تخطى الأزمة ، لم يجدوا مديرا يمنع التجربة بحجه توفير النفقات او انه توقع مستحيل الوقوع .
تخيل للحظه توقف سيرفرات البنك المركزي لأي دوله لمده ساعات او فقدان البنك للـ backup لمده ساعه واحده او اقل هل يستطيع الناس صرف أموالهم ، مدي اهميه الحصول علي المعلومات في الزمن المطلوب ومصيبه فقدانها وعدم استعادتها .
قصدت بهذا المقال إعطاء نماذج حقيقية وواقعيه لتطبيق تلك المواصفة تطبيقاً ملموساً وفعالاً وهذه تعد مقدمة بسيطة عن أهمية المواصفة ISO 22301 وسوف نستكمل استعراضها والحديث عنها بتفصيل كبير في العدد التالي إن شاء الله .
