التحكيم في المجال الطبيتطبيق القوانين في المنازعات الطبية
مقدمة
أول قانون في القطاع الصحي يرجع إلى عام 2000 قبل الميلاد وقانون حمورابي ملك بابل، حيث يحتوي قانونه على أقدم قوائم عرفها الانسان تتعلق بتكاليف ورسوم الخدمات الطبية المقدمة والذي جمع بين الجودة وتكلفة الرعاية الصحية كما تضمن قانون حمورابي بنوداً خاصة بالعقوبات المرتبطة بالأخطاء الجراحية والتقصير والإهمال .
التحكیم، تلك الكلمة التي قد یظن كثیرا من العامة والخاصة أنھا مصطلح جدید لنظام جدید لھذا العصر الحدیث ، إنما ھي كلمة ومصطلح ونظام قد عرفه الإسلام قبل ما یربو على 1400سنه ، فقد ذكره القرآن الكریم في سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) صدق الله العظيم
وعرفه العرب قبل الإسلام كما مارس المسلمون الأولون التحكیم على نطاق واسع باعتباره وسیلة ناجحة لحل المنازعات في جمیع الأمور ھذا ولقد أدرك العالم الیوم ومعظم الدول ما لھذا النظام من أھمیة خاصة لنوعیة من النزاعات التي یتمیز بھا ھذا العصر .
تعريف التحكيم :-
عرف التحكيم قديما بانه " اتخاذ الخصمين حكما برضائهما للفصل في خصومتهما ودعواهما " وهو الامر الذي يعني ان الاستغناء الاتفاقي عن الالتجاء للقضاء المختص لم يكن وليد العصر الحديث ، وإنما منذ القدم وقع اختيار الافراد للتحكيم كطريق رضائي لفض النزاعات التي تنشأ بينهم والتوصل لحل لها كذلك عرف الفقه الحديث التحكيم بانه ( نظام لتسوية المنازعات عن طريق افراد عاديين يختارهم الخصوم إما مباشرة او عن طريق وسيلة اخري يرتضونها ) ، یقوم التحكیم بمفهومه المبسط على اتفاق طرفي علاقة قانونية معینة في إطار القانون الخاص ، على تسویة نزاعھم المالي عن طریق شخص خاص أو أكثر یتم تعیینھم من الطرفین مباشرة أو بطريقة غیر مباشرة لإصدار حكم نھائي ( ملزم ) بشأن ھذا النزاع بدلا من القضاء الرسمي ، وینفذ ھذا الحكم كالأحكام القضائية إذا توفرت فیه الشروط القانونیة.
• حقائق عن سلامة المرضى :-
واحد من بين كل 10 مرضى قد يصاب بالأذى أثناء تلقيه الرعاية في المستشفى وتبين التقديرات أن واحدا من بين كل 10 مرضى في البلدان المتقدمة يصاب بالأذى أثناء تلقيه الرعاية في المستشفى، ويمكن أن ينجم الأذى عن مجموعة أخطاء وأحداث ضارة .
• التحكيم الطبي :
يعتبر التحكيم الطبي احدي فروع التحكيم في المجالات العامة ، من الطرق البديلة لحل المنازعات بصفة عامة ، والمنازعات المتعلقة بالحالة الصحية للمرضي بصفة خاصة ، وذلك في حالة وقوع نزاع بين المريض من جهة والطبيب من جهة أخرى ، وايضا حل النزاعات بين ملاك المستشفى او المشروعات الطبية وبين الشركات "المقاول" المنفذ للمشروع
• التحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات :
الرغبة في الحصول على حكم سريع يكون فاصلاً للنزاع وقابلاً للتنفيذ والتحكيم يضمن في الغالب للخصوم تحقيق هذه الرغبة أكثر من القضاء نظراً لتفرغ المحُكّم للفصل في النزاع، إضافة إلى أن المحُكّم يكون ملزماً بأداء مهمة التحكيم خلال وقت محدد يتفق عليه الخصوم، في حين لا يتقيد القاضي بأي مهلة . كما يكون المحُكّم من أهل الخبرة فلا يحتاج إلى خبرة غيره لمعاونته على حل النزاع ويساعده ذلك على اختصار الوقت، بينما نجد أن القاضي لا يستطيع الفصل في بعض المنازعات إلا بالاستعانة برأي أهل الخبرة في موضوع المنازعة . وأخيراً فإن قرار المحُكّم في النزاع يكون واجب النفاذ، بينما الحكم الذي يصدر عن القاضي لا يتم تنفيذه إلا بعد صدوره نهائياً أي بعد استنفاد كافة الطرق التي حددها القانون للطعن فيه ، ويرجع تطبيق التحكيم بقوانين لكل الدول العربية، ومنها قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 ولائحته التنفيذية ويشمل عدد المواد بالقانون 58 مادة، وترجع قوانين التحكيم الي اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها (نيويورك ، 10 يونيو 1958).
• قواعد التحكيم الطبي القانون رقم 79 لسنة 1975 :-
- المواد 61 ، 62 ، 85 ، 88 ، 89 من قانون 79 لسنة 1975 الذى يحكم بالتحكيم بين المريض والهيئة، وكيفية تظلم المؤمن عليه من قرار الهيئة العامة للتأمين الصحي في هذا الخصوص أمام لجنة التحكيم الطبي المشكلة لهذا الغرض إلا أن ذلك لا يعدو أن يكون تقريراً لقواعد تنظيمية للتيسير على العامل في اقتضاء حقوقه لا يحرمه من حقه الأصلي في الالتجاء إلى القضاء إذا لم يرغب في التحكيم لا سيما وأنه لم يرد في تلك النصوص أو غيرها من مواد القانون ما يحرمه من هذا الحق ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 62 من القانون المذكور من أن قرار لجنة التحكيم الطبي نهائي وغير قابل للطعن إذ أن مجال إعمال هذا النص يكون في حالة ما إذا طلب العامل التحكيم الطبي وصدر قرار التحكيم في موضوع النزاع .
- حق اعتراض المؤمن عليه على قرار اللجنة الطبية أمام لجنة التحكيم الطبي، المادتان 61، 62 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 79 لسنة 1975 . اعتبار قرار اللجنة نهائياً وملزماً لطرفي النزاع في
خصوص ما عرض عليها فقط
- أجازت المادة 61 من القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 للمؤمن عليه أن يتقدم إلي الهيئة العامة للتأمينات بطلب لإعادة النظر في قرار اللجنة الطبية المختصة بعدم اصابته بمرض مهني، وأوجبت المادة 62 من ذات القانون علي الهيئة احالة الطلب إلي لجنة تحكيم يصدر بتشكيلها وتنظيم أعمالها قرار من وزير التأمينات لتصدر قراراً ملزماً لطرفي النزاع، مما مفاده أن الالتجاء الي التحكيم الطبي ليس إلزاميا علي المؤمن عليه ولكنه إذا اختار هذا الطريق لاقتضاء حقوقه، فإن قرار لجنة التحكيم الصادر في موضوع المنازعة يكون نهائيا وغير قابل للطعن فيه منه ويتعين عليه التزامه وعدم التحلل منه.
- المواد 26 و 27 و 52 و 53 و 54 من القانون رقم 92 لسنة 1959 قد بينت طريقة إثبات العجز الحاصل للعامل من إصابة عمله وتقدير مداه ـ وكيفية تظلم العامل من قرار مؤسسة التأمينات الاجتماعية في هذا الخصوص أمام لجنة التحكيم الطبي المشكلة لهذا العرض، إلا أن ذلك لا يعدو أن يكون تقريرا لقواعد تنظيمية للتيسير على العامل في اقتضاء حقوقه ولا يحرمه من حقه الأصلي في الإلتجاء إلى القضاء إذا لم يرغب في التحكيم.
- مادة ( 61 ) للمؤمن عليه أن يتقدم بطلب إعادة النظر في قرار جهة العلاج وذلك خلال أسبوع من تاريخ إخطاره بانتهاء العلاج أو بتاريخ العودة للعمل، أو بعدم إصابته بمرض مهني ، وخلال شهر من تاريخ إخطاره بعدم ثبوت العجز أو بتقدير نسبته ، كما يكون للإبن أو الأخ أن يتقدم بطلب إعادة النظر في قرار الجهة الطبية بعدم ثبوت عجزه عن الكسب، وذلك خلال شهر من تاريخ إخطاره بعدم ثبوت العجز .
ويقدم الطلب إلى الهيئة مرفقاً به الشهادات الطبية المؤيدة لوجهة نظره مع أداء خمسة جنيهات كرسم تحكيم.
- مادة ( 62 ) على الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي إحالة الطلب إلى لجنة تحكيم يصدر بتشكيلها وتنظيم عملها قرار من وزير التأمينات بالاتفاق مع وزير القوى العاملة .
وعلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي إخطار المصاب بقرار التحكيم الطبي بكتاب موصى عليه بعلم الوصول خلال ثلاثة أيام على الأكثر من تاريخ وصول الإخطار إليها ويكون القرار ملزماً لطرفي النزاع ، وعليها تنفيذ ما يترتب عليه من التزامات .
• قواعد فض النزاع القانون رقم 148 لسنة 2019 :-
- مادة ( 83 ) تثبـت حالات العجز المنصوص عليها في هذا القانون بشهادة من الهيئة المعنية بالتأمين الصحي يحدد بياناتها قرار من رئيس الهيئة بناء على موافقة مجلس الإدارة .
ويكون للهيئة المعنية بالتأمين الصحي أن تفوض المجالس الطبية في إثبات حالات العجز المشار إليها .
وفى حالة تعارض قرار الهيئة المعنية بالتأمين الصحي مع قرار مجلس طبى آخر مختص يرفع الأمر إلى لجنة يصدر بتشكيلها وتنظيم عملها قرار من رئيس الهيئة بالاتفاق مع رئيس مجلس إدارة الهيئة المعنية بالتأمين الصحي ويكون قرارها في هذه الحالة ملزما للجانبين.
- مادة ( 143 ) تنشأ بالهيئة لجان لفحص المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون ويصدر بتشكيلها ونظام عملها ومكافآت أعضائها قراراً من رئيس الهيئة بعد موافقة مجلس ادارة الهيئة.
وعلى أصحاب الأعمال والمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين وغيرهم من المستفيدين قبل اللجوء إلى القضاء تقديم طلب إلى الهيئة لعرض النزاع على اللجان المشار إليها لتسويته بالطرق الودية.
ومع عدم الإخلال بأحكـام المادة (118) من هذا القانون لا يجـوز رفع الدعوى قبل مضى ثلاثون يوماً من تاريخ تقديم الطلب المشار إليه .
د / إيهاب زهران